الاثنين، ١ كانون الثاني ٢٠٠٧

شرح سباستيان



شرح سباستيان




الأعزاء
نجاة و أبوبكر و الوليد و سيف اليزل و سيف الدين و ابراهيم
سلام
لو كان شرح الرسم يجدي لما كان الرسم..
لو كان شرح الرسم بالكلمات يجدي لكنا استغنينا بالأدب عن انهاك الجسد و توسيخ الأيدي بنظم الكلم النظيف.لكن الرسم شرح يتحقق في غير أرض الأدب، قبل الأدب و بعده في آن.
قال بعض أهل حركات الطليعة التشكيلية مرة عند أحد منعطفات جدال الرسم التجريدي و الرسم التمثيلي التي شغلت الخواطر الأوروبية في ما بعد الحرب الثانية: الرسم يكتفي بذاته و لذا هو في غنى عن الشرح.و قد حيرتني العبارة زمنا كوني كنت أستنتج منها استنتاجا معاكسا: الرسم يكتفي بذاته و لذا فهو يستلزم الشرح.انتابني الخاطر و أنا أفكر في دبارة أدخل بها على تساؤلاتكم المركبة المشروعة في خصوص تصاويري التي عرضت في معرض" غاليري اجيال " ، بالذات تلك التي تعالج موضوع القديس سباستيان.و حقيقة احترت من أي مدخل أدخل على الأمر ، فعلاقتي بموضوع القديس سباستيان قديمة و متشعبة كوني انتفعت به كواحدة من قنوات الدخول لخفايا غميسة في التقليد الثقافي النصراني. و التقليد الثقافي النصراني ، في نسخته الرأسمالية المتعولمة جزء أصيل من ميراثنا الثقافي ، بل هو ـ بخيره و بشره أس زادنا المتاح، و ان كرهنا ،" و عسى أن تكرهوا شيئا ..".
و في هذا الأفق فان تاريخ الرسم الذي نشأنا عليه هو جزء من تاريخ التقليد الفني الأوروبي الذي تطور لقرون في خدمة المؤسسة الدينية النصرانية. و من المتعذر اليوم لدارسي الفن فهم أسباب تقليد الرسم الأوروبي بدون التأني عند خلفياته الرمزية المودعة في ثنايا النصوص الدينية الأناجيلية.و من سخرية الأقدار أن إنتفاعي بقراءاتي في الأناجيل لم يقتصر على معالجاتي الفنية للموضوعات التي أستنطق فيها أيقونات تاريخ الرسم المسيحي ، بل تجاوزها لشرح خلفيات الأيقونات النصرانية لعدد كبير من النصارى الأوروبيين المتعلمنين الذين يجهلون تاريخ ميراثهم الديني.

الأسطورة
ــــــــــــــــــــــ
من هو سباستيان؟
النص التالي من رسالة لصلاح الجرّق بتاريخ 7 يوليو 1998 بصدد تصاوير تمثل القديس سباستيان ، و أرجو أن ينفع المقتطف هنا في إضاءة استخدامي لأيقونة سباستيان و في التقديم لأسطورة سباستيان و التركيب اللاحق بدلالاتها الرمزية و بعواقبها المعاصرة ضمن مشهد الاستشهاد الذي اتسع وانداح ضمن الفضاء السياسي المعاصر :
" ..
صلاح يا أخانا الذي في البلاد
".."
"و يسألونك عن سان سباستيان ، و أمره عجيب ذلك الرجل الذي اختار الموت وفاءا للحياة كما النهر يفنى في مصبه وفاءا لمنبعه. و ذلك كله ضرب من أحابيل الفكر المسيحي الاستشهادي الذي لا يطيق الحياة الدنيا الا معبرا للحياة ..الآخرة .. في الموت طبعا.و الفكر المسيحي بأنواعه يا صاح إنما هو أخطبوط طويل الأذرع يدركنا أنّى حللنا ، في الفن و في الفلسفة أو في الاقتصاد السياسي، و لا مهرب و لا خلاص لنا من عواقب تاريخه إلا بقبوله كقدر لا فكاك لنا منه، و تمحيصه بوسيلة النقد و الاستحواذ على ما ينفع فيه( و فيه الكثير مما ينفع) و تطعيمه بما نحمل، فنخصّبه بطرائقنا و نؤهّله ليسع مشاريعنا نحن الوافدون من خارج حدود الحضارة المسيحية الرأسمالية، شفت كيف ؟
يعني أنا أرى معالجاتي لموضوع القديس سباستيان بابا في مشروع الاستحواذ على مرجع محوري في النفسية المسيحية السائدة، و أعني بذلك موقف المسيحيين من الحياة الدنيا كمجرد معبر لخرافة الحياة الأخرى { العليا؟} الأفضل .(وين؟).
و لو سألت عن أمر الرجل ، فقد قالوا أن سباستيان كان أول أمره محاربا و قائدا عسكريا محنكا في صفوف جيش الرومان، في وقت كانت روما تطارد المسيحيين الأوائل و تضطهدهم.
قالوا أن الرجل وقع على نفر من المسيحيين فتحوا بصيرته على حقيقة الدعوة الجديدة فتعاطف معهم و صار يحميهم و يتستّر عليهم.حتى بلغ أمره مسامع الحاكم الروماني فاستدعاه و استجوبه في أمر مواطأته أتباع عيسى..
قالوا أن الرجل لم ينكر تعاطفه مع المسيحيين، بل و انطلق ينتقد سياسة روما في صددهم و دعا قائده أن يحذو حذوه في دعم الدعوة الجديدة.كانت تلك خيانة عظمى جزاءها الموت في عرف الرومان.و كان أن حكم القائد الروماني باعدام الخائن رميا بالسهام فأوقفوه أمام كتيبة الرماة.
قالوا أن مئات السهام التي استقرت في جسد الرجل جعلته يبدو كما القنفذ فرموه في حفرة خارج المدينة دون شك في موته ، و تركوه.
قالوا أن الرجل بقي على حاله تلك أكثر من يوم ، إلى أن مرّت امرأة من المستبعدين.(هي إيرين التي ستعرف لاحقا ب" سانت إيرين") و نظرت إليه و أحست به يتنفس فأخذته خفية و عالجته في دارها إلى أن استعاد قواه./ و ما أن استعاد قواه حتى عزم على الذهاب لمواجهة القائد الروماني من جديد/..
و في هذا الحد وحده فمسلك س. سباستيان ينطوي على قدر معتبر من الغموض. فأي رجل عادي كان سيفضّل أن لا يلقي بيده إلى التهلكة .و كان سينتتهز فرصة موته الرسمي ليبدأ حياة جديدة بمنأى عن المشاكل مع السلطات..
قالوا أن سباستيان ما أن استعاد قواه حتى خرج من دار إيرين قاصدا دار القائد الروماني مباشرة .و ربما عاد الرجل وجهة الموت لأنه كان في دخيلته مقتنعا بأن لا معنى لحياته ان لم يستثمرها في ما يعتقد أنه الحق.و ربما كانت مواجهة الموت عنده مجرد نوع من مسلك انتحاري مرضي مما يدرك ذوي النفسيات الهشّة...
قالوا أن الجند الذين رأوه ابتعدوا عن سبيله ظانين أنه شبح عائد. بل حتى القائد الروماني ذهل و هو يرى شبح سباستيان يدخل عليه في وضح النهار..كانت هذه فرصة أخيرة للنجاة إذا قنع الرجل بدور الشبح و استراح من مشقّات الحياة.
قالوا أن سباستيان سارع بتصحيح الأمر مصرا على أن لا علاقة له بالأشباح، و شرح للقائد الروماني أنه لم يمت، و انما عالجه بعض الفقراء. و هاهو الآن ليكمل له بقية انتقاداته في شأن خطل سياسة روما تجاه المسيحيين الخ.
قالوا أن القائد الروماني أمر بتسليمه للجنود ليقتلوه و ليكسّروا عظامه فلا يقوى على النهوض مرة أخرى...فكان أن أخذوا الرجل و قتلوه مرة أخرى.
لكن المهم في الأمر أن الأسطورة تحكي أن القائد الروماني قضى بقية حياته يرى شبح سان سباستيان يدخل عليه كل يوم كأنه لم يمت ..و في هذا الأفق فسان سباستيان يثير الإهتمام، من جهة ، لأنه يمثل صورة الرجل الذي يستعصي على الموت إذ يعاود جلاديه بعد كل مقتل. و من جهة أخرى،فهو يمثل صورة الرجل الذي يسعى للموت و هو عارف بعاقبة سعيه.ربما كان في موقفه قناعة مضمرة بأن حياته بلا معنى إن هي تجنبت الموت، أو أن الرجل يمنح حياته معناها حين يبذلها للموت ، مجسدا ذروة المسلك الاستشهادي الذي يتيح للفكر النصراني مصالحة تناقض الحياة و الموت ضمن شرط الواقع الاجتماعي التاريخي.
و من جهتي فالموقف الاستشهادي المفعم بالغموض يمكنني من أن أجد لسان سباستيان صلة قربى بديهية مع الشهداء المتأخرين من شاكلة " فان جوخ" أو " شي غيفارا" أو " ميشيما" الخ.
هذه، باختصار، هي الخواطر التي أثارتها حجوة سان سباستيان كما وقعت عليها قبل فترة ، بعد أن شدت انتباهي مجموعة من تصاوير موضوع سان سباستيان في عصر النهضة، و بالذات في فترة الـ " مانيريزم "، و هي و ان كانت كلها تلتقي في تمثيل نفس الموضوع: رجل مقيّد على عمود و جسده العاري تقريبا تخترقه السهام من كل جانب..(أنظر تصاوير سباستيان القديس في الرابط
http://fr.wikipedia.org/wiki/Saint_S%C3%A9bastien

استرعى انتباهي أول الأمر كون س. سباستيان يبدو غير مبال بالسهام التي تخترق جسده، فنظرته الحالمة تسافر بعيدا فيما وراء الألم الانساني الواقعي، بل هو في بعض التصاوير المانييرية يبدو سعيدا بسهامه و بعذابه سعادة لا تخلو من غنج مازوشي محيّر( عند تيسيان)، و لا حظت فيما بعد أن وجه س. سباستيان يتحوّل مع الزمن، فمن هيئة الرجل القوي و المحارب البادي الفحولة في بداية عصر النهضة ( عند ميكل أنجلو و جيوفاني بيلليني) بدأ وجه س. سباستيان يزداد شبابا و يفاعة، فكأنه غلام مراهق من أولئك الغلمان الذين كانوا يتبعون الفنانين النهضويين( الفلورنسيين) الذين كانوا يحلمون باستعادة مجد الخنوثة في أثينا الانطيقية.بل أن صورة س سباستيان في أعمال المتأخرين من" المانييريست" ، تكتسب ملامح أنوثة واضحة، لا في الوجه فحسب و انما في تفاصيل تشريح الجسد في الصدر و الحوض و الأوراك..
لماذا؟
ليست عندي إجابة شافية، و لو نظرت في سياق الفترة التاريخي، فأغلب ظني أنك ستخرج باستنتاج سوسيولوجي و نفسي، في كون صورة س. سباستيان في نهاية عصر النهضة الإيطالية صارت رمزا لحالة الخلخلة العقائدية و النفسية التي أدركت المجتمع الكاثوليكي بعد مرور زلزال الاصلاح اللوثري، و ما أعقبه من ردة فعل الاصلاح الكاثوليكي المضاد المعروف بـالـ " كاونتر ريفورم"، و هي حركات أصابت القناعات النصرانية في أكثر من مقتل.و على أثرها لجأ الفنانون إلى عقيدة الرسم بعد إضمحلال رسم العقيدة.و في لوحاتهم ، احتلت صور الرعاة الدينيين و الدنيويين محل الاصطلاحات الأيقونية التي صاغها الخيال النصراني منذ العصور الوسطى.في هذا المشهد ، كان سان سباستيان بمثابة نسخة محمولة لرمز المسيح الذي يبذل لحمه و دمه برّا بقومه" فتكون حياة أبدية" أو كما قال.كان س. سباستيان نوعا من مسيح مفصّل على مقاس الأزمة التي عصفت بالمجتمع النصراني في القرن السادس عشر.فهو رمز لسيرورة عجيبة للحياة نحو الموت ـ مثل المسيح، كان يعرف أن الموت ينتظره بين يدي السلطات، لكنه رأى في موته حياة أبدية ما..ـ و هي سيرورة تزعم إمكان الحياة (الأبدية ؟) في الموت و تطرح مجددا سؤالا قديما في معنى الحياة..
مرة في 1973 ، خرجنا من المعهد الفني في مظاهرة سياسية نحو ميدان القصر الجمهوري.خرجنا نهتف يحملنا هدير أكتوبري أدخل في الحدث المسرحي منه في الإحتجاج السياسي..كان في مواجهتنا جنود مسلحون مصطفين أمام القصر.قال قائل أنهم من المستوعبين في الجيش من فصائل الأنيانيا التي أوكل لها نظام النميري قمع المظاهرات، على زعم أن الجنود الجنوبيين أقدر على إطلاق الرصاص على المتظاهرين الشماليين من الجنود الشماليين و العكس ..
بقينا أمام الساحة نهتف " بالدم بالروح نفديك يا.."، و الزميلات يزغردن " أييوووووي"، و في لحظة لمحت مجموعة من الطلاب منهمكين في كتابة أسماءهم على وريقات وضعوها في جيوبهم " عشان لو حصلت حاجة ، لا قدّر الله، أهلك يقدروا يتعرّفوا عليك و يلقوك..". و لم تدم المواجهة أكثر من دقائق معدودات حتى هجم علينا رهط من الجنود نبلوا من حافلات الجيش التي كانت رابضة وراء لبخ الميدان، و فرّقونا في يسر بفضل العكاكيز و الغاز المسيل للدموع. حين التقينا مساءا في الداخلية تحادثنا في أمر المظاهرة إلى أن وصل بنا الحديث لمسألة كتابة الأسماء، و أظنني تهكّمت من الأمر على زعم أنه مسلك استشهادي إلخ.أذكر أن الباقر موسى قال لي بهدوء فيه نبرة استغراب من موقفي : إن ذلك شيء منطقي تماما، و أنه هو نفسه قام بكتابة اسمه على ورقة وضعها في جيبه تحسّبا لإحتمال وجوده في المشرحة وسط الجثث الغارقة في التنكير كما حدث في أكتوبر ..
تلك الأمسية تأمّلت في الأمر ، و بدا لي أن خروجي ضمن ذلك الحدث المسرحي " هابينينغ" الشعبي، بذريعة المعارضة السياسية، كان نوعا من سوء الفهم الفادح.بدا لي حديث الباقر موسى على نوع مركب من بعد النظر و قصر البصيرة معا.و أظن أن تأملاتي أدت بي إلى إعادة تعريف الحد الأدنى المشترك الذي كنت أسوّغ عليه تواطؤي السياسي مع الصحاب المناضلين أيامها.المهم يا زول ، تيقّنت يومها من خيانتي النهائية لمشاعر الحماس الديني النبيلة التي ورثها الثوريون السودانيون من أسلاف استشهدوا في كرري( أو في 1924 أو في أكتوبر 1964 إلخ..). ترى هل يمكن تلخيص مساهمة المهدية في تكوين وجداننا الثوري بكونها سوّغت " موت الكتيرة .." عرسا في ذلك المكان الجاف المتلاف.أم أن أمر المسلك الاستشهادي وسط التقدميين السودانيين أمر لاحق للمهدية ، تفسيره يكمن في النزعة المسيحية للتيار الماركسي اللينيني الروسي الذي اعتنقه رواد الفكر المادي في السودان؟ و هو تيار ساهم بأكثر من طريقة في تشكيل صورة المهدية في خيالنا السياسي كحركة وطنية ثورية إلخ.و لو تأملت في أدبيات تبرير الاستشهاد فداءا للوطن ، مما تنتجه آلات الأعلام لهؤلاء أو لؤلئك من العربسلاميين المتحاربين لانقاذ الوطن، لوجدت أن الاشارة لطقس الفداء المهدوي تحتل منها مكان الحظوة، و في كلا الحالين فان مآل الشبيبة الضائعة هدرا إنما هو ـ قطع شك ـ في الجنة مع الشهداء و الصديقين.
صلاح ، لا أطيل عليك، فحديث سان سباستيان ذو شجون، ولا بد أننا سنواصله لاحقا، و لكني وعدت أن أبعث لك ببعض الخواطر في صدد التصاوير التي بعثت بها قبل فترة .
".."
مودتي
حسن موسى


إن الموقف الاستشهادي يمكنني من أن أجد لسباستيان القديس صلات قرابة بديهية مع" الشهداء" العلمانيين( و الملحدين) من شاكلة شي غيفارا.هذا الرجل الذي اخترع خرافة الثورة الكوبية كان بوسعه الاستقرار في منصبه كمدير للبنك المركزي لكوبا بعد نجاح الثورة و الانقطاع لإجترار ذكريات ملحمة الإنتصار على الامبريالية الأمريكية لنهاية أيامه. لكنه لم يفعل لأنه اختار طريق الخلق، خلق أكثر من فيتنام أمام المشروع الامبريالي.و كان يعرف أنه في هذا الطريق سيقابل الموت المحتوم.تماما كما كان سباستيان العائد من الموت يعرف أن الموت ينتظره عند الحاكم الروماني.ّهب شي غيفارا يطلب الموت على درب سباستيان فلاقاه وسط لا مبالاة الفلاحين البوليفيين الذين كان يحارب باسمهم.
كم أحببنا تلك الصورة النصرانية البطولية حتى أننا جعلنا منها أيقونة ثورية معاصرة. و لو قام البابا جان بول الثاني، أبان زيارته لكوبا في منتصف التسعينات، لو قام بتكريس غيفارا قديسا نصرانيا لما أثار التكريس عجب أحد.

و صورتي الذاتية في هيئة القديس سباستيان؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و ما علاقة هذه السيرة بصورتي الذاتية في موقف القديس سباستيان؟
موقف الاستشهاد محير ـ بل هو ساحر أخّاذ ـ كونه يطرح سؤال الموت و الحياة و يجيب عليه بشكل لا يبال بكم التناقضات المقلقة التي تتلبّكه.نعم هذه الصورة التي تمثل وجه شي غيفارا على جسد سباستيان هي صورتي الذاتية بطريقة ما ، طريقة انزلاق المعاني.و أعني بـ "انزلاق المعاني" تلك المكيدة الغميسة من وجوه الاسقاط الأدبي الجائر المتعمّد الذي يغرّر بالقارئ ـ سيان في ذلك قارئ النص أو قارئ الصورة ـ فيرشوه بقصد أول أمين من البديهيات الشرطية التي يعرفها لكي يقبل أن يضع رجله على منزلق يجرفه نحو أرض لا قبل له بها و لا حول له فيها و لا قوة.و منطق انزلاق المعاني يعمل بكفاءته كلها حين يتأسس في خاطر المؤلف أولا ، كونه مثل الكذبة التي يصدقها المؤلف/الكذاب و يقتنع بها و يستمد من قناعته بها طاقة و قوّة تجعل الآخرين يصدقونه و يتواطأون معه على تجويزها و قاسمهم المشترك الاعظم مصلحة يغتنمونها معا.
و هكذا يا أصحاب يبدو أن" انزلاق المعاني الأيقونية" فولة كبيرة لا يسعها مكيالي الراهن لكني أعد بالرجوع إليها و أكتفي منها هنا بالاشارة.و خلاص الامر ان صورتي الشخصية الذاتية في هيئة شي غيفارا الذي هو في هيئة القديس سباستيان تمثل كسلسلة من انزلاقات المعاني الأيقونية ، توهمتها أنا في المبتدأ و اقنعت نفسي بها و أطمح أن أقنع بها غيري.( و ربما انطلت مكيدتي على الوليد أو هكذا طاب لي التوهّم عند قراءتي لتعليقه و الله أعلم). وأدب الفن عامر بالأمثلة على حالات انزلاق المعاني فصبركم علي.