السبت، ٢٩ أيلول ٢٠٠٧

معرض بيروت و دمشق

معرض الفنان التشكيلي السوداني حسن موسى في صالة أتاسي للفنون بدمشق


بقلم: عبد الله أبو راشد
عزف مُنفرد على أنغام الفكر والأيديولوجية
تستضيف صالة أتاسي للفنون التشكيلية بدمشق، في الفترة الواقعة ما بين 24 كانون الثانيو 24 شباط 2007، معرض الفنان التشكيلي السوداني حسن موسى، كإطلالة فردية أولى لفنان رسام وملون ومُفكر.خارج في إنتاجيته الفنية عن مفهوم اللوحة الكلاسيكية ذات البعد الجمالي الواحد، و المتقوقعة في سياق مدرسة فنية واتجاه تقني مُحدد يحكمها إطار خشبي (برواز) جامع لمفاتن الرسم والفكرة. وإنما يُمثل معرضه في خامات مصنعة من قماش صناعي مُزخرف بزخارف وأزهار ونباتات متنوعة، يجعل منها ميداناً لفروسية الفكرة والتعبير، ونسج تقاسيمه الجمالية من تنويعة الخط وحريته، وانتشار اللون فوق السطوح كنوع من الحداثة التعبيرية المكتسبة من عوالم الغرب الأوربي، والأجواء الفرنسية والباريسية على وجه الخصوص.
هو حالة مهنية متعددة الصنائع كفنان وكاتب ومدرس، من مواليد مدينة النهود في إقليم كردفان السوداني عام 1951، تخرج في كلية الفنون الجميلة بالخرطوم، تخصص في الرسم والتلوين عام 1974، تابع دراسته الأكاديمية العليا وحصل على شهادة الدكتوراه في تاريخ الفنون من جامعة مونبليي. أقام نحو عشرة معارض فردية في أوربا ولبنان، ومُشارك في العديد من المعارض الفنية والمحترفة والخاصة برسوم كتب ومجلات الأطفال.
لوحاته المعروضة فوق جدران صالة العرض التي لا تتجاوز عشرة أعمال، صبغت الصالة بجمالية بصرية وبعد أكاديمي وفكري لم نألفه في كثير من العروض. من قلة العدد ورتابة الإخراج الشكلي للوحات تدور في فلك جماليات مفتوحة على الاكتشاف والتأمل والبحث عن تجليات المعنى وجودة المبنى البصري لمفرداته وعناصره التشكيلية التي تختزنها ثقافته وذاكرته البصرية، كشخصية فنية صاحبة موقف فكري من خلال تداعيات خطوطه ورموزه الدلالية فوق السطوح. وما تحتويه من جرأة غير مسبوقة من فنان يرسم ويُلون على قماش مصنع لأغراض جمالية مُغايرة، حافلة بالزخارف والورود وأشكال النباتات المتعددة. يجعل منها واحة بصرية واسعة الطيف الشكلي والمعنوي، التي تجعل المُتلقي يغوص في تفاصيلها الشكلية وإحالاتها الرمزية، ومحاولة وصوله لاستنتاجات منطقية حول خلفية وثقافة الفنان المعرفية والتقنية ومقدرته الفنية على بناء عالمه الفني التشكيلي، في خصوصية تجريب وتأليف وتصوير. كفنان عربي مُهاجر في أحضان الغرب الأوربي ومدينة باريس خصوصاً، تلك التي منحته شيئاً من حرية الحركة والتعبير والمقدرة على توصيف أفكاره ومنابت تصوراته في صورة بصرية حاشدة بالمعاني، ونقلها على سطوح الخامة، وتجمع في متن نصوصها التقنية موهبة وخبرة ومقدرة مشهودة على التلخيص والإيجاز وتطويع الرسوم المسبقة، وإدخالها في مجال لعبته الفنية التشكيلية كعناصر خلفية متممة، ولتشكل حاضنة فكرية وتقنية فريدة الشكل والإحالة الرمزية لمساحة أفكاره.
شخوصه متناسلة من ذكريات الواقع والأسطورة، تارة مشدودة نحو الأنبياء والقديسين، وتارة مشدودة نحو القادة السياسيين، نشهد في طياتها ملامح السيد المسيح، وتشي غيفارا، وسواهما من شخصيات المجتمع الغربي. يدرجها عناصر رئيسة محاطة بغابة من الزخارف اللونية ذات النكهة المحلية السودانية، وأخرى تجعل من ورود وزخارف النبات المنقوش في حبكة القماش المستخدم واحة وارفة الظلال الشكلية لاستقبال تقاسيم خطوطه وملوناته التي لا تفارق خصوصية موطنه السودان.
ثقافة وفنون
العدد 279
النور ـ صحيفة الحزب الشيوعي السوري ـ دمشق 13ـ 1ـ 2007




ــــــــــــــــــــــــــ

أعمال
الفنان السوداني
حسن موسى
في
غاليري أتاسي..



دمشق
صحيفة تشرين
ثقافة وفنون
الخميس 8 شباط 2007
متعب أنزو
تتحدث نعمة الحداثة في التشكيل السوداني المعاصر عن أربع مرجعيات بصرية حرفت مساره باتجاه نسق التصوير البحثي.

الذي يختزل أو يكاد بمعنى ما مقولة ماهرة لما تعنيه حركة الفن في جزء عربي من أفريقيا، ودخوله كعنصر أساسي ومكون للمحترف التشكيلي العربي ممثلا برموزه الحقيقية وهي على التوالي للراحل أحمد وقيع وأحمد عمر خليل وأحمد عبد العال وحسن موسى. وبينما يعمل ويقيم عبد العال في السودان، اختار عمر خليل ممارسة أبحاثه في أمريكا في الوقت الذي كانت فيه مونبيليه الفرنسية نوعاً من المنفى الاختياري للأخير. كذلك يمكن العودة للعام 1999 العام الذي تعرفت فيه النخب البصرية العربية ـ تحديداً في بيروت ودمشق ـ على مرور سريع ومؤثر لاثنتين من التجارب السابقة عبر العرض المتنقل والموسوم بمحترفات عربية. عرض تم توقيعه وقتها بالتزامن بين غاليري أتاسي وغاليري أجيال وتنقل في أماكن متعددة لمناسبة القمة الفرانكفونية في بيروت.





اليوم وبعد سبع سنوات يعود الغاليري الدمشقي من جديد إلى استعادة حسن موسى من تجوال قاده إلى دول متعددة منها فرنسا وبلجيكا وإنكلترا والمجر وألمانيا واسبانيا واليابان والسويد والولايات المتحدة الأمريكية وإيطاليا ولبنان.في مجموعة من أبحاثه التصويرية التي تعقد نوعا من الصلة مع تأثره بابتكارات تجمع سوبور ـ سورفاس Support-Surface الذي ظهر في باريس إبان سبعينيات القرن الماضي، طارحاً علاقات جديدة بين المسند التصويري والإمكانات النسيجية المؤسسة في القماش. هو أيضا نوع من مناورة الفهم التقليدي للتصوير الذي يقدم فيما يقدمه تلك الحساسية التي توحد بين الذهني والبصري وتاليا في افتراضات كل ذلك على السطح المتحرك غير المشدود.





يفعل التشكيلي السوداني ذلك ويفتعله تحت مسمى افتراضي هو اختراق الحدود الموروثة للفنون، والتي لا تزال «سيدة الساحة الفنية» في المدينة وبين معظم مثقفيها. غير انه يحافظ في الوقت عينه على علاقات انسيابية تربط نتاجه بتدخلات من النوع السياسي والديني والموروث البصري الغربي والتي تشكل بمجملها مواضيع لها ثقل رمزي كبير.. في أمثلة ذلك الأعمال التي قاربت فهماً خاصاً للسيد المسيح وغيفارا والقديس سباستيان ونساء بول غوغان. سلوك يجيده موسى بحرفية عالية ويقترحه من داخل لعبة جمالية تستنهض التراث الإنساني المعنون بالقيم التي فقدت قداستها في العصر الحاضر. بينما يتراءى في منسوجة كتب على ظاهرها " فن الشفاء" تفصيلاً مكبراً لقدمي المسيح مستوحى من تصوير يعود إلى القرن الـــــسابع عشر، للدلالة على القوة الـــخارقة للقداسة وفيها الكثير من الإيهام الفانتازي لمناخ الغابة التي تتشابك غصونها وأوراقها لتنحسر في مكان ما بفعل سلطة اللون واحتكامات التشكيل النهائي. ‏

لعل هذا الدمج بين الديني المقدس والتزييني المعاصر والحروفي العربي يحيل بمعنى ما إلى قراءة جديدة لأيديولوجيا الحاضر عن طريق العودة المجيدة إلى أرقى فنون الإنسانية الماضية. فالاستشهاد الذي كان من أكثر الموضوعات قداسة وتردداً في العين والذاكرة الفنية، انقلب حدثاً يومياً لعصب الحياة في حواضر بعض المدن العربية. فبعث النهضة الإيطالية من مراقدها المتحفية إلى يوميات الشارع العربي هو انبعاث نهضوي ـ محدث للقديس سباستيان، كي يكون نموذجاً لكل شهيد يسقط في الصراعات الدامية وميادين القتل والانفجارات. هكذا يتحدث الفنان حسن موسى عن عبثية الموت لا ليعبّر عن الغضب العربي بل لينقل وجع الإنسان بنبله وجماله القديم وجروحه. لعل هذه الإسقاطات غير المباشرة هي مجرد تأويلات، غير أنها محملة باستعارات شعرية لا تخفي تلميحاتها الساخرة والمبطّنة، ميزة يمكن القول أنها صنعت شهرة حسن موسى منذ عرضه الذي أقامه في لندن بعنوان «سبع قصص من الفن الأفريقي»، والذي أهّله فيما بعد للمشاركة في بينالي البندقية في العام 1997، ليذهب بعد ذلك إلى عروض عالمية متنقلة.






الرسام السوداني حسن موسى في معرض ... الاستشهاد
التاريخ: Wednesday, August 16
الموضوع: معارض عربية
حسن موسى فنان سوداني يقيم ويعمل في قرية فرنسية بالقرب من مونبيلييه، تعرفت بيروت أخيراً إلى تجاربه الفنية في معرضه الفردي الذي نظّمه له صالح بركات في غاليري «أجيال». ولم يكد يفتتح المعرض حتى باشرت اسرائيل حربها على لبنان.


تضمن المعرض مجموعة من اللوحات - النسيجية، هي عبارة عن معلقات جدرانية تتدلى على طريقة البساط الشرقي ذي الرقع اللونية الزاهية، ولكن من خلال مقاربات محدثة لموضوعات أوروبية معروفة. فطريقة توصيل القماش بعضه ببعض تذكّر بالفنون الحِرفية الشعبية، غير أن هذا النوع من إعادة صوغ الجاهز والشغف بالخامات الفقيرة جاء ايضاً من تأثره بابتكارات تجمع سوبور - سورفاس Support-Surface الذي ظهر في باريس السبعينات، طارحاً علاقات جديدة بين المسند التصويري والمساحة - الفضاء.

اللوحة - الجدار أو اللوحة - المخيط، هي ليست السر الوحيد لهذا الفنان الذي راح يتأمل في الفن القديم، كي يستنبط منه رؤى جديدة، بل في إدراكه العميق لأهمية الطاقات الكامنة في التراث الإنساني الكبير مهما تنوعت مصادره، سواء كان تراثاً بدائياً أو حروفياً زخرفياً أو نهضوياً. فهو يمتلك فضلاً عن مهارته في الرسم والتشريح الجمالي، شغفاً في طريقة توظيف الخامات، يضاف إلى ذلك عنصر التخييل الذي تميز به فنان جاء من التراث الأفريقي المولع بالزخرف اللوني والهندسي إلى التراث الغربي المولع بالإنسان، فجمع بينهما جاعلاً من لوحته مزيجاً هجيناً وجميلاً بين ثقافات وحضارات متنوعة.

هذه الميزة التي صنعت شهرة حسن موسى (مواليد السودان عام 1951) منذ المعرض الذي أقامه في لندن بعنوان «سبع قصص من الفن الأفريقي»، الذي أهّله للمشاركة في بينال البندقية العام 1997، ثم في معرض «محترفات عربية» في بيروت الذي أقيم لمناسبة القمة الفرنكوفونية لعام 2001، لتأتي مشاركاته في معارض عالمية أقيمت في متاحف لندن وباريس وبرشلونة والولايات المتحدة الأميركية.

يجمع حسن موسى بين الفن والحِرفة، بين الرسم والتصوير وخياطة القماش ودرزه على ماكينة الخياطة (بدلاً من التلصيق) مستعيضاً عن أنابيب الألوان الزيتية أو الصناعية الحديثة بألوان مخصصة للرسم على النسيج (منها الرقيق الشفاف ومنها الكثيف). فهو يغوص في استنطاق الشغف الذي يكنّه لمحاور من تاريخ النهضة الايطالية المبكرة أو «الكواتروشنتو»، كاشفاً عن مناخات محدثة في عناصرها التقنية والجمالية مملوءة بالإيهامات والاستعاضات. فالانطباع الأول الذي تحدثه أعماله هو الإغراءات البصرية القوية التي تدفع الناظر لمعرفة ماهية اللوحة ومضمونها وملمسها. فإذا هي نسيج جاهز لقماش رخيص معرّق (يذكّر بقماش طاولات المطبخ أو الستائر) وقد تغطى صورياً بمفردات من ذاكرة النهضة الإيطالية بغية منح ما هو رخيص وهامشيّ، نبلاً جمالياً.

فالمعرض يكاد يكون مكرساً لإسقاطات معاصرة على موضوع استشهاد القديس سيباستيان، فضلاً عن لوحة واحدة من تراث الفن المقدس في الغرب مكرسة للقديس جورج الذي يطعن التنين.

لعل هذا الدمج بين الديني المقدس والتزييني المعاصر والحروفي العربي يحيل على قراءة جديدة لأيديولوجيا الحاضر من طريق العودة المجيدة إلى أرقى فنون الإنسانية الماضية. فالاستشهاد الذي كان من أكثر الموضوعات قداسة وترداداً في العين والذاكرة الفنية، انقلب حدثاً يومياً لعصب الحياة في حواضر بعض المدن العربية. فبعث النهضة الإيطالية من مراقدها المتحفية إلى يوميات الشارع العربي هو انبعاث نهضوي - محدث للقديس سيباستيان، كي يكون نموذجاً لكل شهيد يسقط في الصراعات الدامية وميادين القتل والانفجارات. هكذا يتحدث الفنان حسن موسى عن عبثية الموت لا ليعبّر عن الغضب العربي بل لينقل وجع الإنسان بنبله وجماله القديم وجروحه. لعل هذه الاسقاطات غير المباشرة هي مجرد تأويلات، غير انها محملة باستعارات شعرية لا تخفي تلميحاتها الساخرة والمبطّنة، كما يتجلى ذلك في لوحة «سان جورج يطعن التنين ومتحف بغداد» المحوّرة عن لوحة رافائيل. إذ يظــــهر القديس جورج في منسوجة حسن موسى، مرتدياً العلم الأمــــيركي وشــــاحاً وهو يطـــــعن الفراغ الذي تكتـــــنفه الكؤوس والفناجين المزخرفة في فضاء يخلو من وجود التـــــنين.

هكذا يأتي الخطاب السياسي رمزاً من داخل لعبة جمالية تستنهض التراث الإنساني المجبول بالقيم التي فقدت قداستها في العصر الحاضر. بينما يتراءى في منسوجة كتب على ظاهرها «فن الشفاء»، تفصيلاً مكبراً لقدمي المسيح مستوحى من تصوير يعود إلى القرن الـــــسابع عشر، للدلالة على القوة الـــخارقة للقداسة، وفيها الكثير من الإيهام الفانتازي لمناخ الغابة التي تتشابك غصونها وأوراقها لتنحسر في مكان ما عن قدمين عاريتين ضخمتين آتيتين من أكفان الدهر إلى أوجاع دامية تحتاج إلى التضميد.

بيروت - مـهى سلطان
daralhayat.com